إدارة المدينة في الأردن: تحدّيات بإنتظار حلول

موسم ديوان المعمار [1] 2011 - 2013

إعداد محمد الأسد وساندرا الحياري
15\7\2013

ملخص عام

إن التراجع في مستوى أداء المؤسسات البلدية في الأردن بات سريعاً ومقلقاً. وللأسف فإن هذا ليس جديداً علينا، بل يعود إلى السبعينات من القرن الماضي، ولكن وتيرته تسارعت كثيراً في العقد الماضي. ويظهر هذا التراجع في أمور متعددة تتضمن تنظيم إستعمالات الأراضي والنقل وإدارة النفايات وتوسّع المدن وتوفير المساحات الخضراء. وهناك رأي قوي يرى أن هذا التراجع لا يعود بالضرورة إلى عدم توفّر المهارات الفنية اللازمة لدى المؤسسات البلدية، ولكن يعود بالدرجة الأول إلى سوء إدارتها للموارد البشرية والمالية المتوفرة لها. ويتبين ذلك في تضخم الكوادر الوظيفية والمحسوبية في التوظيف وافتقار الشفافية والمشاركة الشعبية في اتخاذ القرارات وفي تغليب المصالح الشخصية على المصلحة العامة في الإدارة وفي إنتشار لحالات الفساد. وهذه التحديات طبعاً لا تقتصر على المؤسسات البلدية بل تطول مؤسسات القطاع العام عامة.

ولمناقشة هذه الأمور، قام مركز دراسات البيئة المبنية بتنظيم سلسلة من اللقائات وإستبيان عن موضوع إدارة المدينة تكوّن جميعها جزءاً من ديوان المعمار بصفته منتدى لمجموعة مرتبطة ارتباطاً مهنياً قوياً بالعمارة والتخطيط. وتم تنظيم الديوان لهذا الموسم على نحو تضمن أربع جلسات دعي لكل منها مسؤول سابق شغل منصباً مرتبطاً بإدارة المدن في الأردن وبذل برأينا مجهوداً إيجابياً في عمله ليتحدث ويتحاور مع الحضور. والسبب وراء دعوة مسؤولين سابقين هو أنهم عادة لا يشعرون أنه عليهم تكرار الخطاب الرسمي المرتبط بإدارة المدن، ولأن بُعْدَهم عن المنصب يسمح لهم بتشخيص مسؤولياتهم بدرجة أعلى من الموضوعية بالمقارنة مع من يشغل منصباً حالياً.

وقد قام المركز بدعوة كل من عمر المعاني أمين عمّان السابق، ووليد المصري رئيس بلدية إربد السابق، ومحمد بلقر المفوض السابق في منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، وعمر الرزاز مدير مؤسسة الضمان الإجتماعي السابق (الذي حصل على شهادة الدكتوراة في التخطيط الحضري). وقد كانت محاضراتهم (التي نورد ملخصاً عنها هنا) والحوار مع كل منهم تجربة ثرية للغاية.[1]

لقاء أمين عمّان السابق

كان أول لقاء مع عمر المعاني، وركّز فيه على كيفية نقل تجارب القطاع الخاص إلى مؤسسات القطاع العام، وبالتحديد إلى أمانة العاصمة، وكيفية مأسسة عمل الأمانة. وتكلم أيضاً عن تحديات إدارة مؤسسة عامة بحجم الأمانة التي تحتوي على أكثر من 23000 موظفاً وتعاني من تدني في كفاءة العمل عامة ومن إنتشار فكرة "الإعالة" عند عدد كبير من الموظفين.

وفيما يتعلق بالخدمات المحددة التي يمكن أن تقدمها الأجهزة البلدية، أشار المعاني إلى أن النقل العام هو خدمة تعتمد عليها الحياة في المدينة اعتماداً أساسياً ولا يمكن وضع مخطط للمدينة لا يشمل موضوع النقل العام إذ تربط استعمالات الأراضي وعملية النقل علاقة وثيقة. ولذلك كانت من أولوياته وهو أمين عمان وضع إدارة النقل العام تحت صلاحية الأمانة بدلاً من الجهات الأخرى التي كانت مسؤولة عنها.

وتطرق المعاني أيضاً إلى موضوع ضم بلديات تقع حول عمان تحت مظلة أمانة عمان الكبرى. ويرى المعاني عدداً من الفوائد للمركزية في إدارة المدينة، ولذلك يؤمن أن هناك حاجة إلى مثل هذا الضم لتوحيد مستوى الخدمات والتنظيم في هذه المناطق المرتبطة ارتباطاً عضوياً بعمان. أما في موضوع انتخاب أمين عمان، فأشار أنه يجب أن نصل إلى المرحلة التي يكون فيها أمين عمان منتخباً، ولكننا برأيه لم نصل إلى هذه المرحلة بعد إذ أنها تحتاج إلى المزيد من التطوير في الحياة الحزبية والسياسية في الأردن.

لقاء رئيس بلدية إربد الأسبق

وتكلم وليد المصري عن ضرورة إعطاء البلديات درجة أعلى من الصلاحيات بحيث تكون مؤسسات حكم محلي بدلاً من مؤسسات إدارة محلية كما هو الحال الآن. ووضّح أن ذلك يتطلب أن تكون خدمات متعددة مثل التعليم والصحة والنقل تابعة لصلاحيات البلديات - كما كان الوضع في الأردن إلى حد ما حتى السبعينات من القرن الماضي - بدلاً من أن تقتصر صلاحياتها على أمور خدمية مثل إصدار الرخص وتقسيم الأراضي. ووضح أن هذا التوسيع من صلاحيات البلديات سيقوي ترابطها بسكان المدينة، وسيعني أنه بدلاً من أن يصب اهتمام السكان على إنتخاب المقريبن إليهم لرئاسة البلدية وعضوية مجلسها حتى يسهّلوا عليهم الحصول على رخص البناء أو الإشغال، سيركز سكان المدينة على انتخاب هؤلاء الذين يجدونهم قادرين على تقديم المستوى الأفضل من الخدمات المرتبطة بأمور مثل الصحة والتعليم والنقل.

وأضاف المصري أنه يجب أيضاً أن تُعزّز العلاقة بين البلدية والسكان وأن يركز موظفو البلديات على خدمة السكان وليس التحكم بهم. ولذلك يجب أن يكون رئيس البلدية وأعضاء المجلس البلدي منتخبين، ويجب أيضاً تأسيس مجالس لأحياء المدينة إذ أن هذه المجالس ستكون مؤسسات تمثّل السكان تمثيلاً فعالاً وستكوّن حلقة وصل قوية تربط السكان بالمؤسسة البلدية.

لقاء المفوض السابق في منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة

أما محمد بلقر، فقد بيّن الدور التكنوقراطي الإيجابي الذي يمكن للمسؤول في إدارة المدينة أن يقوم به، وكيف يمكن لهذا المسؤول أن يرفع من مستوى البنية التحتية أو الخدمات العامة في المدينة بفعالية من خلال وضع السياسات والإستراتيجيات المدروسة والمنفذة بعناية. وأشار إلى أن العقبة كانت محظوظة بوجود عدد لا بأس به من هؤلاء المسؤولين الذين خدموا فيها عبر السنوات.

وتطرق بلقر إلى خصوصيات مدينة العقبة من حيث وجود مؤسستين ارتبطتا بتطوير العقبة: سلطة إقليم العقبة من 1984 حتى 2000، وسلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة بعد ذلك. فقد عملت سلطة الإقليم بموازاة البلدية، ولكن دور البلدية كان مهمشاً نسبياً، وبعد ذلك تم إلغاء البلدية وقت تأسيس سلطة المنطقة الخاصة. وكذلك تطرق إلى وضع التشريعات التي تعمل على تشجيع الاستثمار في العقبة كما في الشراكات بين القطاعين العام والخاص. ومع أن بلقر يرى أن السلطتين لعبتا دوراً إيجابياً في تطوير المدينة من خلال توفير الموارد والكفائات اللائمة وتشجيع الاستثمار، إلا أنه انتقد تهميشهما لسكان المدينة في إدارة المدينة.

لقاء مدير مؤسسة الضمان الإجتماعي السابق

وأشار عمر الرزاز إلى مواضيع عدة تضمنت المركزية واللامركزية في إدارة المدينة. وأضاف أنه علينا التفريق بين اللامركزية وبين توزيع المركزية من خلال إعطاء سلطة اتخاذ القرار لمسؤولين موجودين خارج المركز ولكن يتبعون السلطة المركزية. وأضاف أنه علينا تعزيز أدوار المدن الفرعية في الأردن بحيث تخف هيمنة عمّان بصفتها المكان الذي تتمركز فيه النشاطات السياسية والإقتصادية والثقافية ويكون هناك تدرج معقول في أدوار مدن الأردن المختلفة.

وأوضح أنه لا يمكن الاستمرار في تكديس الموظفين في مؤسسات القطاع العام مثل البلديات إذ أن الإقتصاد الأردني لا يملك الموارد الكافية التي تسمح بالإستمرار في هذا التوظيف الريعي. والأهم من ذلك هو أن هذا التوظيف قد نتج عنه تدهور قوي في أداء مؤسسات الدولة.

الإستبيان عن إدارة المدينة في الأردن

وفي جلسة تلت تلك الجلسات الأربع، وُزّع على الحضور من ديوان المعمار إستبيان تضمن بعض الأسئلة المرتبطة بعمان. وتطرقت الأسئلة إلى أمور مثل التحديات قصيرة الأمد وطويلة الأمد التي تواجه عمان ونوعية الأشخاص الذين يمكنهم قيادة المدينة بكفاءة وكيفية توزيع ميزانية مدينة عمان على الخدمات المختلفة التي تقدمها.

وقد توافق أعضاء الديوان إلى حد كبير بخصوص صفات المدينة التي يريدونها. ومع أن الكثير من هذه الصفات قد تبدو بديهية، إلا أنه يجب طرحها هنا إذ أن مدننا للأسف تفتقد إليها. لذلك، فإن أعضاء الديوان في إجابتهم على الإستبيان ركزوا على ضرورة أن تكون عمان مدينة صديقة للمشاة وأن تقدم نظام نقل عام فعال وأن تحتوي على كميات مناسبة من المساحات الخضراء. وتوافقوا أيضاً على ضرورة تطوير مدينة يتم فيها إعادة تدوير النفايات وتكون مناطقها ذات الإستخدامات المتعددة التي تجمع السكن مع العمل ومع التبضّع والترفيه، وبذلك يسهل على السكان الوصول إلى هذه الخدمات المتعددة والتنقل بينها. وركزوا أيضاً على ضرورة وضع حد للتوسع العشوائي للمدينة.

التحدي الرئيسي في كل هذا هو كيفية إحداث نقلة نوعية في مدن الأردن بحيث تحقق هذه المزايا. ويعتمد ذلك اعتماداً رئيسياً على كيفية إدارة المدن في الأردن. وهنا ركز الحضور أنه يجب أن يُنتخب رئيس البلدية ومجلس البلدية بأكمله. إن وجود رئيس بلدية ومجلس بلدي منتخب يعني مشاركة السكان ليس فقط في اتخاذ القرارات، بل أيضاً في تحمل مسؤولياتها. كذلك ركز الحضور على أهمية وعلى تطوير أداء كادر البلديات. وإعتبروا أن مستوى الأداء الحالي يحتاج إلى أن يرقى إلى المستوى المطلوب، وأنه من الضروري أن يتم إعادة التفكير في برامج تدريب كوادر البلديات ورفع كفاءتهم. ولكنيبقى التحدي أنه لا يمكن فصل مشكلة تدني الأداء عن مشكلة تضخم كوادر القطاع العام، وأنه لا يمكن تحسين الأداء دون تقليص كوادر البلديات. وركز الحضور أيضاً على ضرورة تفعيل دور المجتمعات المحلية في أي مدينة، وأن أفضل طريقة لتحقيق ذلك هي تأسيس مجالس للأحياء.

وقد أرتأى أعضاء ديوان المعمار ضرورة تطوير هذا الإستبيان وتوزيعه على شريحة واسعة نسبياً من سكان المدن في الأردن. وقد تم ذلك، ويحتوي الجزء الأخير من هذا التقرير نسخة عن الإستبيان الذي طورناه ووزعناه على الجمهور ويلخص نتائجه.

تلخيص مضمون الجلسة الأولى من ديوان المعمار 2011 – 2012
لقاء مع أمين عمان السابق عمر المعاني

كان عمر المعاني أول المتحدثين في موسم ديوان المعمار 2011 – 2012.  وكان قد شغل منصب أمين عمّان من  2006 وحتى 2011. وجرى لقاء المعاني مع الديوان يوم 23\11\2011. وأدارالحوار معه محمد الأسد، عضو الديوان والمدير المؤسس لمركز دراسات البيئة المبنية.

مأسسة العمل البلدي واستدامته

في ملاحظاته الأولية، أشار المعاني إلى أنه لاحظ حين تسلمه منصب أمين عمان أن المشاركة في صنع القرار وحرية تبادل الآراء كانت غائبة في أمانة عمان الكبرى. ولاحظ أيضاً أنه لم تكن هناك آلية لتسليم المسؤوليات من الأمين السابق إلى الأمين الجديد، الأمر الذي يدل على إنقطاع في استمرارية العمل المؤسسي. وإعتبر المعاني أن إضفاء الطابع المؤسسي على العمل البلدي هو من أهم منجزات إدارته. وتكلم في هذا السياق عن اجتماعات دورية أسبوعية وشهرية كان يعقدها مع موظفيه كانت تستخدم لقياس التقدم في عمل إدارته ومتابعته ورصده.

ويجد المعاني أن تقصيره يتركز على الصعيد السياسي، إذ أن العمل البلدي هو خليط من الدراية التقنية والحنكة السياسية.

نقل الخبرة من القطاع الخاص

إعتبر المعاني تدني الكفاءة في العمل من أهم المشاكل التي عانى منها. ووجد أن الموظفين في أغلب الأحيان ينخرطون في العمل في القطاع العام لأنه يمثل شبكة توظيف آمنة، والكفاءة  ليست أولوية في هذه الأحوال. وبهذا يختلف القطاع العام عن القطاع الخاص. وإعتبر تطوير القطاع العام ليتبع نفس أنظمة الحوكمة المتبعة في القطاع الخاص ممكناً، إلا أن التعامل مع مال لا يملكه المسؤول ورقعة الخدمة  الكبيرة تجعل ظروف العمل أكثر تعقيداً من القطاع الخاص. وضرب المعاني مثَل رواتب موظفي القطاع العام في سنغافورة التي هي أعلى من رواتب موظفي القطاع الخاص، وتتنافس الشركات الخاصة على توظيفهم فور مغادرتهم القطاع العام.

إن مبدأ "الإعالة" منتشر تاريخياً في القطاع العام في الأردن، ولذلك لا يُتوقع عادةً  الكثير من موظفي القطاع العام. ولهذا لا يقوم عدد كبير منهم بالكثير من العمل. وقال المعاني أنه عندما يأتي شخص من القطاع الخاص تعوَد على أمور مثل العمل الجماعي والكفاءة والصراحة يصطدم بحائط لا يستهان به. وتوقع المعاني أنه عُين في المنصب للمساهمة في رفع كفاءة المؤسسة وأيضاً لتحسين عمان بصفتها مكاناً للسكن ولوضع مخطط عام للمدينة ولوقف تدهورها الحضري. وبينما يتعامل شخص مثله مع عدد صغير من أعضاء مجلس الإدارة في القطاع الخاص، يبلغ عدد أعضاء مجلس المدينة 68 وسكانها مليونين ونصف المليون نسمة، وكذلك فإن الأمين لا يخدم شخصاً معيناً وإنما يخدم جميع السكان. ولكن الأجهزة الرقابية في الدولة مثل ديوان المحاسبة تجد الصعوبة في التعامل مع مسؤول يعمل بسرعة وبطرق غير تقليدية. وعليه أن يفسر للمسؤولين عن هذه الأجهزة أموراً مثل أن النقل العام يجب أن يكون مسؤولية المدينة وليس مسؤولية وزارة النقل، إذ أن هناك علاقة وثيقة مثلاً بين استعمالات الأراضي وعملية النقل ولا يمكن وضع مخطط للمدينة لا يشمل موضوع النقل العام. وعندما طلب وضع النقل العام ضمن صلاحيات الأمانة اعترض الكثيرون، ولذلك كان عليه تفسير سبب هذا الطلب للعديد من المسؤولين بما فيهم رئيس الوزراء. ووقتما استطاع إقناعه بضرورة ضم النقل العام إلى صلاحيات الأمانة كان قد تغير. وانطبق نفس الكلام على وزير النقل. وإعتبر المعاني هذا الوضع من سلبيات التغيير السريع للوزارات.

وأضاف المعاني أنه على الأمين أن يتعامل مع التحديات ولا يستسلم أمامها، وإذا كان الشخص مستعدأ للتضحية فيمكنه الوصول إلى نتائج، ولكن موظفي القطاع العام في الوقت الحاضر غير مستعدين لاتخاذ قرارات تخرج عن النمط التقليدي. هناك حالة إرباك منتشرة الآن تتسبب بشلل في الأداء. وإذا أراد شخص ما الخروج عن هذا السياق فعليه أن يتوقع أن يدفع ثمناً باهظاً لذلك.

الخدمات التي تقدمها المؤسسات البلدية

تحدث المعاني عن الخدمات التي يرى أنه يجب أن تقدمها المؤسسات البلدية مقابل تلك التي يمكن الإستعانة بمصادر من خارج المؤسسة (out-sourcing) للقيام بها. وأوضح أن التخطيط الحضري يجب أن يتم داخل المنظومة البلدية لأنه يحتاج إلى معرفة محلية، مع الإستعانة بمصادر من خارج المؤسسة في بعض الأحيان. وفي هذا السياق، قدم المعاني معهد عّمان مثالاً لمؤسسة كونتها أمانة عمان تحتوي على المعرفة المحلية في مجال التخطيط وتُصدَر معرفتها إلى مؤسسات بلدية خارج نطاق الأمانة. كما قدم المعاني النقل العام مثالاً على خدمة يجب أن تنظمها المؤسسة البلدية ولكن يُشغّلها القطاع الخاص. أما بشأن إدارة النفايات، فيعتقد المعاني أن جزءاً من تنظيمها يجب أن يبقى تابعاً للأمانة (مثل جمع النفايات)، بينما يمكن الاستعانة بالقطاع الخاص ببعض نشاطاتها الأخرى. وأضاف المعاني التنظيم والترخيص إلى قائمة الخدمات التي يجب أن تبقى داخل المؤسسة البلدية. وفي ذات الوقت، أكد عدم وجود هناك قاعدة عامة تحدد متى يجب اللإستعانة بمصادر خارجية لتقديم الخدمات البلدية، إذ أن لكل حالة وضعها الخاص.

تفويض الصلاحيات

يعتقد المعاني أن دور الأمين لم يكن يُفهم بوضوح منذ عقد السبعينيات من القرن الماضي. ولذلك فإنه قام بإعادة هيكلة النظام الإداري في الأمانة، واستحدث منصب "مدير المدينة." والمدير مسؤول عن تنفيذ الخطط والبرامج على أرض الواقع ويقدم له الدعم خمسة مديرين تنفيذيين مسؤولين عن بقية الهيكل الإداري. وأضاف المعاني أن الكثير من تفويض الصلاحيات بدأ يتم بعد مضي أول سنتين من توليه المسؤولية. وأوضح أن المشكلة الرئيسية التي تواجه عملية التفويض في القطاع العام هي أن مستويات إدارية معينة في الهيكل التنظيمي - مثل رؤساء الأقسام - يبتعدون عن التفويض لخوفهم من حصول آخرين على مناصبهم. ولكنه وجد من تجربته مع الإدارة العليا في الأمانة تعاوناً وتآزراً بين مدير المدينة والمديرين التنفيذيين.

دمج البلديات

أوضح المعاني أن الحاجة استدعت ضم عدة مناطق لعمان إذ أن المدينة ستنمو وتصل إليها بعد فترة من الوقت. وذكر في هذا المجال بعض المشاريع مثل الممر التنموي الذي كان يمر بعدة بلديات، كما ضرب مثل الحاجة إلى توحيد الإعلانات على شارع المطار الذي كان أيضاً يتبع عدة بلديات. وفي سياق تحويل نمو عمّان إلى مدن أردنية أخرى، رأى المعاني أن بناء تجمعات سكانية كبيرة تضاهي عمان لم ينجح وأن الهجرة إليها مستمرة. ويرى أنه على المنخرطين في التخطيط الوطني النظر في تطوير التجمعات السكانية خارج العاصمة وفق ما تتميز به هذه المجتمعات، ولكنهم فشلوا لغاية الآن في القيام بذلك وتعاملوا مع الموضوع بسطحية. وعزا أسباب ذلك إلى غياب في التخطيط السياسي والإجتماعي. وعبر المعاني عن اعتقاده بأن الأردن سيبقى بلد المدينة الواحدة مع أنه لا يزال من الممكن تطوير مدينة العقبة بصفتها مركزاً حضرياً رئيسياً في الأردن.

إنتخاب أمين عمّان و تجربة مجلس الأمانة

ذكر المعاني سؤالاً طرحه صحافي عليه وقت تكليفه بمهامه الرسمية. كان السؤال عما سيذكره الناس عند نهاية فترة توليه مهامه. أجاب المعاني بأنه يحب أن يتذكره الناس على أنه آخر أمين لعمّان أتى للمنصب بطريقة التعيين. ولكنه غيّر رأيه بعد سنتين من ذلك. إنه لا يزال يعتقد أن إنتخاب الأمين يجب أن يحصل لأنه حق للشعب، ولكنه سابق لأوانه الآن. وربط حصول عملية الإنتخاب بإتمام تطوير الحياة الحزبية والسياسية الحالية بحيث تمر دورة انتخابية كاملة ويجري إفراز قيادات سياسية. وفي سياق تجربته مع مجلس الأمانة، قال أن تكوينة المجلس تضمنت خليطاً رائعاً من الأعضاء ذوي الخلفيات التعليمية والتقافية المختلفة بلغ عددهم 68 عضواً. ويرى المعاني أن القرارات التي أصدرها المجلس وأن النقاشات التي كانت تدور فيه حققت الغايات المرجوة منه.

الشخصية الملائمة لأمين عمّان القادم

أما بشأن صفات أمين عمّان القادم فقد قال المعاني أنه يجب أن لا يكون سياسياَ، ويجب أن يكون قد تربى وترعرع في عمّان، وأن يتمتع بشخصية قوية، وأن تكون لديه سيرة مهنية نظيفة. وقال أنه ليس من الضروري أن يكون مختصاً بإمور إدارة المدينة لأنه يستطيع بناء فريق مختص قوي يدعمه، ولكن عليه أن يكون مبصراً بالأمور وماهراّ في تفويض المهام. كما عليه التمتع بمهارات إتصال جيدة وقدرة على التواصل مع الجمهور. وعليه أن يتمتع بالحد الأدنى من فهم الفكر السياسي في البلد.  

تلخيص مضمون الجلسة الثانية من ديوان المعمار 2011 – 2012
لقاء مع رئيس بلدية إربد السابق وليد المصري


كان وليد المصري ثاني المتحدثين في موسم ديوان المعمار 2011 – 2012. وكان قد شغل منصب رئيس بلدية إربد من 2003 حتى 2006، وعمل قبل ذلك مساعداً لأمين عمَان. وجرى لقاء المصري مع الديوان يوم 30\1\2012، وأدار الحوار معه نظير أبو عبيد، عضو الديوان وعميد كلية العمارة في جامعة العلوم والتكنولوجيا في إربد في ذلك الوقت ورئيس الجامعة الألمانية الأردنية حالياً.

مفهوم البلدية وسلطاتها

استهل المصري اللقاء بالحديث عن مستويات الحكم، موضحاً أن المستوى الأول هو الحكم المركزي، وتمثله الحكومة المركزية، وأن المستوى الثاني هو الحكم المحلي وتمثله البلديات. وللحكم المحلي في الأردن تاريخ طويل يعود إلى أواخر القرن التاسع عشر والفترة العثمانية. ويرتبط الحكم المحلي بحق المجتمع في إدارة أموره التنظيمية والخدمية، وبإدارة المواطنين بأنفسهم لشؤونهم اليومية ضمن منطقة محددة وبإستقلال عن السلطة المركزية. وكانت القوانين في الأردن حتى السبعينات من القرن الماضي تُعرِف البلديات على أنها مؤسسات شعبية مستقلة مالياً وإدارياً. ولكن مفهوم الحكم المحلي في الأردن بدأ بالتراجع منذ ذلك الحين إذ اتجهت الدولة نحو المركزية وخفضت صلاحية البلديات إلى أن وصلنا اليوم إلى الإدارة المحلية بدلاً من الحكم المحلي، والفرق بين المفهومين وتطبيقاتهما شاسع

وكانت مهمات البلديات قد ارتبطت بجميع الأمور المتعلقة بحياة المواطن اليومية من توفير التعليم الأساسي والرعاية الصحية الأولية والرقابة الغذائية والمياه والكهرباء والغاز والنقل والأمور التنظيمية الأخرى. وحدد أيضاً قانون البلديات حتى 1955 دورين إضافيين مهمين جداً للبلدية. الأول هو تأمين السكن لمن لا سكن لديه، والثاني تأمين فرص العمل. ويضيف المصري أن وضع البلديات اختل وضعف بعدما تحولت من مؤسسات حكم محلي إلى إدارات محلية، وأصبحت تتعامل في قضايا تقتصر في أكثر الأحيان على تراخيص المهن وتقسسيم الأراضي. ويرى المصري أنه لا بديل عن عودة البلديات إلى اللامركزية والحكم المحلي..

ضم البلديات ونموذج بلدية إربد الكبرى

يعتبر المصري ضم بعض البلديات أمراً لازماً. وهذا ينطبق على إربد إذ كانت هناك حاجة إلى توحيد عملية التخطيط بين إربد والمناطق السكنية المحيطة بها. ولكن المصري أضاف أن الضم في إربد رافقه عيوب عديدة أهمها سوء التمثيل، الذي كانت حجته أنه لا يجوز أن يكون المجلس البلدي الممثِل للمناطق الصغيرة كبيراً. كذلك لم يراع التخطيط الشمولي للمدينة عدداً من الأمور مثل النقل، ويعود ذلك إلى حد كبير إلى نقص الصلاحيات التي تتمتع بها البلدية. وأشار في هذا السياق إلى أن سكان المدينة يقيّمون أداء رؤساء البلدية تقييماً صحيحاً، ويتذكروا الرؤساء الذين خدموا المدينة بإخلاص حتى إذا لم يعاصروهم.

نوعية الخدمات التي تقدمها المؤسسة البلدية لسكان المدينة

أشار المصري إلى أن وضع مؤسسات القطاع العام وأجهزتها الوظيفية في الأردن إجمالاً ضعيف. ويوجد عدد كبير من موظفي البلديات غير المؤهلين لوظائفهم. ويتصرف الكثير من الموظفين وكأنهم سادة على المراجعين. وفي ظل كل هذا، تحتاج البلديات إلى تأهيل جدي لموظفيها. وفي هذا السياق، أشار المصري كذلك إلى ندرة المخططين في الأردن وإلى أن الكثيرين من المسؤولين عن التخطيط لم يتدربوا في هذا المجال، وإنما تعلموا ما تعلموه من خلال خبرة متراكمة من الأخطاء.

وركَز المصري على نقل المعرفة بين البلديات عن طريق تبادل الخبرات بين الموظفين من بلديات مختلفة، وأشار إلى أن هذا بحد ذاته هو تجربة تعليمية مهمة للكادر الوظيفي في البلديات.

مصادر الإيرادات البلدية

وفي ما يتعلق بمصادر الإيرادات، أشار المصري أنها تأتي من الضرائب، ولكن الضرائب التي تستوفيها البلديات حالياً أقل مما كانت تستوفيه في الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي. كما أوضح أن ضريبة المبيعات في العديد من مدن العالم تقسَم بين الحكومة والبلديات، ولكن ذلك لا ينطبق على البلديات الأردنية.

ممارسات تقييم الأداء وضبط الجودة

عبَر المصري عن أسفه لغياب ممارسات حقيقية لتقييم الأداء الذي يعتبره أساساً في إدارة المدينة. وذكر أنه في المفهوم العصري للإدارة هناك حاجة لقياس الرأي ولأن يكون سكان المدينة شركاء في العمل البلدي. وأضاف أنه إذا ما أرادت إدارة إحدى البلديات أن تنجح فيجب أن يكون هنالك تواصل بينها وبين المجلس البلدي وبين سكان المدينة. وذكر المصري أنه عندما كان رئيساً لبلدية إربد، كان يزور كلاً من مناطق البلدية المختلفة أربع مرات كل سنة للإطلاع على مطالب السكان. ولكنه أيضاً لم يعتبر ذلك كافياً دون التواصل الفعَال مع المجلس البلدي، ومسؤولية التواصل هذه هي مسؤولية البلدية. وقد اقترح المصري تكوين مجالس للأحياء بصفتها وسيلة لتحسين تمثيل جميع السكان بطريقة حقيقية وتكوين آلية تساعد على تحسين التفاعل بين البلدية والمجلس البلدي وسكان المدينة.

وأضاف المصري أنه يجب القيام بدراسات قبل البدء بأي مشروع تتضمن قياس الرأي العام، والقيام أيضاً باستطلاعات الرأي بعد إنتهاء أي مشروع.

التفاعل بين سكان المدينة

أشار المصري إلى أن هناك فجوات إقتصادية وضعف في التجسير بين سكان المدن في الأردن، وكذلك افتقار إلى فضاءات عامة تجمعهم. وقال أننا لم نحاول ردم هذه الفجوة وذلك من باب الإهمال. وفي هذا السياق، أضاف المصري إلى أن الأحياء، وبالذات مجالسها،  تستطيع أن تتعامل مع هذا الموضوع وأن تعالج غياب الهوية الجامعة للمدينة بفعَالية إذ أن التفاعل على مستوى الأحياء بين سكانها الذين يأتون من خلفيات متعددة يكون مباشراً ومستمراً.

إنتخاب رئيس البلدية

يدعو المصري إلى أن يكون رئيس البلدية منتخباً، مضيفاً إلى أن سكان المدينة قادرون على  الانتخاب على أسس تتعدى الإرتباطات العائلية والعشائرية. ويرى أنه إذا أعيدت للبلديات المهام التي كانت تتمتع بها في السابق، مثل تلك المرتبطة بالنقل والتعليم الأساسي والصحة، فإن سكان المدينة سينتخبون من هو الأقدر على بناء مستقبلها. وقال أن هذا ما كان يحدث حتى الستينات والسبعينات من القرن الماضي، إذ أن مهام البلديات آنذاك كانت أكثر شمولاً. ولكن الأردن منذ ذلك الحين أصبح دولة ريعية وأصبحت الدولة تعتبر نفسها أعرف بمصلحة الناس منهم. وبما أن دور البلديات يقتصر الآن إجمالاً على أمور تتضمن إصدار التراخيص وتقسيم الأراضي، فإن الإنتخاب أصبح يعتمد على منطق المنفعة الشخصية بدلاً من المصلحة العامة.

مشاركة المصري في الإنتخابات البلدية القادمة

ذكر المصري أنه كان قد بدأ بالتحضير للمشاركة في انتخابات رئاسة بلدية إربد ولكنه لم يتخذ بعد قراراً نهائياً  فيما إذا كان سيشارك أم لا (كان ذلك قبل تسلم المصري الحقيبة الوزارية). وقال أن مشاركته ستعتمد على ما إذا كانت هنالك نية للعودة إلى الإستقلالية والحكم المحلي للبلديات، أم إذا كانت الحكومة ستستمر في النهج الحالي في أنظمة الإدارة البلدية.

ما يمكن عمله لإربد الآن

أشار المصري إلى ثلاث مهمات سيركز عليها لو تولّى منصب رئيس بلدية إربد. المهمة الأولى هي إتمام العمل على المخطط الشمولي للمدينة الذي يعتبره ذا أولوية إذ سيبيّن للمواطنين ولملاك الأراضي والعقارات الإمكانيات المتاحة لتطوير أراضيهم وعقاراتهم وذلك حسب الحاجات التنموية لمناطق إربد المختلفة. وأوضح أن إتمام المخطط سيحتاج إلى حوالي ثلاث سنوات. أما المهمة الثانية، فهي تطوير وسط المدينة وإيجاد المتنفّسات الكافية للسكان فيها. والمهمة الثالثة هي تشجيع تكوين مجالس الأحياء التي ستكون الأقدر على توحيد سكان المدينة وتجسير الفروقات المختلفة بينهم سواء كانت مبنية على الدخل أو الدين أو العرق أو الأصل.


تلخيص مضمون الجلسة الثالثة من ديوان المعمار 2011 – 2012

لقاء مع محمد بلقر، مفوض الأرض والبنية التحتية والخدمات السابق في منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة


كان محمد بلقر ثالث المتحدثين في موسم ديوان المعمار 2011 – 2012. وكان قد شغل مفوّض الأرض والبنية التحتية والخدمات في سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة من2001  – 2005، وقبل ذلك شغل منصب مساعد رئيس سلطة إقليم العقبة من1998  – 2000 ومنصب مدير التخطيط والتنظيم في سلطة إقليم العقبة من 1984 – 1991. وجرى لقاء بلقر مع الديوان يوم 7\3\2012. وأدار الحوار معه فاروق يغمور، عضو الديوان والمعمار الرئيس في مكتب يغمور معماريون.

بدايات عمله في العقبة

أشار محمد بلقر إلى أن عدداً كبيراً من المهنيين الذين يأتون من عمّان للعمل في العقبة يتنقلون بين المدينتين بدلاً من السكن الدائم في العقبة. وعلى عكس ذلك، استقر بلقر في العقبة حينما بدأ العمل في سلطة إقليم العقبة الحديثة التأسيس سنة 1984. وقد أحس منذ ذلك الحين بانتماء عميق للمدينة وارتباط قوي بها.

نظامان إداريان مختلفان لمدينة واحدة

أشار محمد بلقر إلى أنه عاصر في الفترة التي سكن فيها في العقبة نظامين إداريين مختلفين للمدينة: نظام سلطة إقليم العقبة ونظام منطقة العقبة الإقتصادية الخاصة التي أنشئت سنة 2001. ويعتبر النظامين جيدين، ويجد بعض الصعوبة في تفضيل واحد على الآخر خاصة وأن العديد من الصلاحيات التي أعطيت إلى سلطة إقليم العقبة بقيت مع منطقة العقبة الإقتصادية الخاصة. ولكنه يعتقد أن عدداً من البنود التي أضيفت لقانون المنطقة الإقتصادية الخاصة ساهمت  في زيادة الواردات المالية للسلطة إضافة إلى جذب الإستثمار للمدينة بطريقة أفضل مما كان عليه الحال في فترة سلطة إقليم العقبة. وأضاف أن إمكانيات التطوير في العقبة إزدادت بعد تأسيس المنطقة الإقتصادية الخاصة وأصبحت المدينة أقل اعتماداً على عمّان على المستويين الإداري والمالي.

ويعتقد بلقر أنه يجب المحافظة على ما تم تحقيقه في العقبة منذ تأسيس سلطة إقليم العقبة سنة 1984. ويرى أن الإنجازات التي تحققت في مدينة العقبة اعتمدت في الأساس على البنية المؤسسية لإدارتي سلطة إقليم العقبة وسلطة المنطقة الخاصة، ولكن الإنجازات تفاوتت من حيث الحجم والنوع على مر السنين حسب تعاقب الأشخاص الذين أداروا العملية التنموية والتطويرية، وقد كان حجم الإنجاز ونوعيته في كل مرحلة تعتمد على إبداعات الأشخاص الذين تناوبوا على السلطة. ويعتقد أن إدارة السلطة في السنوات الخمس الأخيرة  لم تؤثر على المدينة بالشكل المطلوب، وقد ازدادت الأمور تعقيداً في السنتين الماضيتين بسبب التردد السائد في إتخاذ القرارات في ظل ما أسماه بـ "الربيع الأردني".

المطالبات الشعبية وإدارة المدينة

لخص مُحاور الجلسة فاروق يغمور مطالب سكان العقبة الحالية بأنها أساساً متعلقة بحرمانهم من حقهم في إدارة المدينة وتمثيلهم في مجلس مفوضي المنطقة الخاصة. وفي رده على ذلك، شرح بلقر التشكيلة الإدارية في المدينة. ففي فترة سلطة إقليم العقبة، كان مجلس إدارتها يتخذ القرارات ويضع سياسة السلطة، أما التنفيذ، فكان من خلال جهاز السلطة الإداري. وكان هناك ممثلون في المجلس عن العقبة والبادية الجنوبية الملحقة بالإقليم، وكان هذا التمثيل يسد الثغرة التي أشار إليها يغمور. ولكن بعد تأسيس المنطقة الإقتصادية الخاصة، شُكّلت هيئة مفوضين لديها مهام تنفيذية، ولكن لم يرافق ذلك تمثيل للسكان كما كان سابقاً في سلطة إقليم العقبة. ويصعب وجود مثل هذا التمثيل في التركيبة الإدارية للمنطقة الخاصة إذ أن هيئة المفوضين عبارة عن مجلس إدارة مناط بأعضائه مهام تنفيذية، وبالتالي يجب أن يتمتع أعضاء المجلس بكفاءات مهنية معينة قد لا تتوفر محلياً. وأضاف بلقر أن سكان العقبة محقون في مطالبهم، وأوضح أنه لم يتفق مع مبدأ إعطاء المهام التنفيذية لهيئة المفوضين في قانون المنطقة الإقتصادية الخاصة، ويؤمن أنه يجب تعديل القانون لتعزيز التمثيل الشعبي وفصل المهام المختلفة عن بعضها.

توزيع الأراضي في المدينة

 كانت العقبة تاريخياً بلدة لا يتجاوز عدد سكانها الـ 10000 نسمة. عندما تم تطوير ما يسمى بمخطط براون للعقبة، كان التصوّر أنها ستنمو ليبلغ عدد سكانها 30000 نسمة. ولذلك تم إستحداث مناطق سكنية جديدة لإستيعاب هذا النمو، وتم توفير قطع أراض لسكان المدينة بأسعار رخيصة لا تتعدى كلفة توفير البنية التحتية لها. وأصبح هذا النمط من توزيع الأراضي سائداً، إذ تستحدث الحكومة مناطق سكنية جديدة وتفرز الأراضي وتقوم ببيعها للمواطنين بسعر التكلفة. وقد اعتاد عليه سكان المدينة معتبرينه حقاً لهم على الحكومة.

مهام البلدية

قال بلقر أن بلدية العقبة ألغيت بعد إستحداث المنطقة الإقتصادية الخاصة، مع أنها بقيت خلال فترة سلطة إقليم العقبة. وكانت مهام البلدية تتعلق بإمور مثل النظافة وإقامة الحدائق العامة. وأوضح أنه كان هناك إصطدام مستمر بين السلطة من جهة، وبين رئيس البلدية والمتصرف من جهة أخرى، إذ أراد كلاهما أخذ الصلاحيات المتنازع عليها. وفي آخر فترة سلطة إقليم العقبة، أصبح أحد المديرين في السلطة بمثابة المسؤول عن البلدية، وأصبح رئيس السلطة بمثابة محافظ العقبة، مع أنه لم يوجد هناك قانون معين حدد ذلك. وكان لمدير ميناء العقبة درجة عالية من السلطة بإعتباره مسؤولاً عن أغنى مؤسسة في المدينة. وبحكم وظيفته، كان في فترة من الفترات رئيساً للجنة التنظيم. وكان دور الآخرين في العقبة ثانوياً. ولكن قوة مؤسسة الميناء تراجعت تدريجياً بعد إستحداث السلطة.

تأسيس شركة تطوير العقبة (ADC)

أوضح بلقر أن شركة تطوير العقبة تأسست سنة 2004، أي بعد تأسيس المنطقة الإقتصادية الخاصة وطرْح عدد من المشاريع الإستثمارية الطموحة للمدينة. وإنشاء الشركة هي فكرة أدرجت في قانون السلطة عند تأسيسها، وكان القصد منها تفادي نشوء تضارب في المصالح بين المشرع والمنظم والإداري من جهة، والمنفذ من جهة أخرى، إذ لا يجوز الجمع بينهما. لذلك تم فصل الجوانب التنظيمية عن المصالح الإستثمارية، وكان القصد من تأسيس الشركة هو أن تقوم بأعمال التطوير بمعزل عن التشريع. وكانت بداية فكرة الشركة أكبر مما تحقق على أرض الواقع، إذ جرى البحث عن مطوّر عالمي من القطاع الخاص يقوم بتطوير المدينة كاملة من خلال شركة التطوير. وتم بالفعل طرح عدة عطاءات بهذا الخصوص، ولكن سرعان ما تم التراجع عن الفكرة وتأسيس الشركة المملوكة من الحكومة بدلاً من ذلك نظراً لعدم ضمان كفاءات الشركات الخارجية المتقدمة للعطاء وقدراتها. فمثلاً، تبيّن خلال زيارة مكاتب إحدى الشركات الأجنبية المتقدمة لهذه العطاءات أن كادرها وحجمها لا يتناسبان أبداً مع حجم العمل المطلوب منها. لذلك تقرر أنه بالرغم من أن هذه الفكرة قد تكون ممتازة من حيث المبدأ، إلا أنها قد تجذب أطرافاً لا تتمتع بالمؤهلات الكافية، بل قد تحاول هذه الأطراف استغلال العطاءات التي ترسوا عليها لتحقيق مكاسب سريعة من خلال المتاجرة في العقارات بدلاً من العمل على تطويرها. ويعتقد بلقر أن فكرة شركة تطوير العقبة ممتازة ولكنها لم تُنفذ على النسق الذي خُطط لها.

تخطيط العقبة

قال بلقر أن العقبة قد تكون أكثر منطقة في الأردن خضعت لدراسات تخطيطية. وأول مخطَّط وضع للعقبة هو مخطط براون في الستينات الذي تم تجهيزه قبل الإتفاق مع السعودية عام 1965 على تبادل أرض ساحلية سعودية يبلغ طولها 12 كيلومتر مقابل أراض تقع في جنوب شرق الأردن. وكان المجلس القومي للتخطيط، وليس جهة التنظيم المحلية، هي المؤسسة التي أدارت هذه المنطقة الساحلية بعد ضمها للأردن حتى تأسيس سلطة إقليم العقبة.

كانت العقبة بلدة صغيرة تحتوي على ساحل وميناء يخترقها خط للسكة الحديدية. وقام المخطط اليوناني دوكسيادس في السبعينات بتصميم طريق سيارات ساحلي سياحي للمدينة يتماشى مع تضاريس المنطقة الجغرافية وينتهي عند الحدود مع السعودية. وكان المجلس القومي للتخطيط يركز على تشجيع الصناعة في المنطقة - إذ لم تكن للمشاريع السياحية أولوية في ذلك الحين - وتم وضع المنشآت الصناعية قرب الحدود مع السعودية ولكن بطريقة غير مدروسة. وتم ضم هذه المناطق للمدينة في فترة سلطة إقليم العقبة، وقام مكتب دار الهندسة سنة 1985 بتحضير أول مخطط شمولي يربط الساحل الجنوبي بالمدينة بحيث تستوعب المنطقة الموسّعة 200000 نسمة. ووضع هذا المخطط شبكة واضحة للطرق ووضع أُسُس للتوسع ولإستيعاب النشاطات الإقتصادية المختلفة. وقد عملت دار الهندسة على دراسات تفصيلية وتنظيمية، بالإضافة إلى المخطط الشمولي. وبقي المخطط ساري المفعول إلى أن طلبت سلطة المنطقة الاقتصادية الخاصة من شركة جِنْزْلِر الأمريكية تحديث المخطط شمولي لمنطقة العقبة سنة 2001.

وفي هذا السياق، يعتبر بلقر التشريعات المرتبطة بإدارة المخطط والإعمار أهم من المخطط الشمولي نفسه. فمثلاً، كان قد تم التركيز على جودة التصميم في المدينة، ولذلك تم الإستعانة بمؤسسات مثل مركز دراسات البيئة المبنية لتطوير تشريعات خاصة بمواد البناء والألون واللوحات الإعلانية. كذلك تم تحديد نسب القرميد المستعملة في البناء وتنظيم مواد البناء، كما في أنواع الحجر. وذكر بلقر أن المجتمع المحلي قاوم هذه التشريعات بشدة خاصة وأن التشريعات تضمنت غرامات مرتفعة تترتب على مخالفة التشريعات. وأوضح أن المجتمع كان ينظر إلى هذه الغرامات التي وضعتها السلطة على أن غايتها الجباية مع أن الهدف منها كان التأكد من الإلتزام بجودة التصميم. ولكنه أضاف أن المجتمع المحلي تقبّل هذه التغييرات تدريجياً إذ تبيّن أنها هذبت المدينة من الناحية التنظيمية والجمالية بشكل كبير.

أكثر مشروع يفتخر به

يعتبر بلقر الممر الخلفي للشاحنات ومشروع الطريق الموازي للطريق الساحلي أكثر المشاريع تأثيراً على مدينة العقبة والشريط الساحلي الجنوبي، وهو فخور بأنه كان من الأشخاص الرئيسيين الذين ساهموا في إنجازه. وأوضح أن المدينة والساحل الجنوبي كانتا في وضع مزر في الثمانينات إذ كانت الشاحنات المتجهة من وإلى الميناء تمر من داخل المدينة، وكان الشاحنات والكراجات تملأ مدخل المدينة، وكان الشريط الساحلي عبارة عن استراحة كبيرة للشاحنات ولسائقيها. ولكن بعد بناء هذه الطرق، تم تحويل حركة الشاحنات إلى طريق بديل يمر من غرب المدينة بدلاً من خلالها، وأصبح من الممكن للعقبة أن تكون مدينة طبيعية ونظيفة، وأصبح من الممكن للسياحة أن تنمو فيها بدلاً من أن تطغى عليها حركة الشاحنات والخدمات المختلفة التي ترافقها.

هوية العقبة

ذكر بلقر أن مدينة العقبة تحولت تحولاً كبيراً خلال العقود القليلة السابقة. فقد كان الميناء يطغى على المدينة ويحدد طبيعتها الإقتصادية والسكانية حتى الثمانينات. ولكن الجهود تركزت منذ التسعينات على تطوير العقبة بحيث تكون مدينة يغلب عليها الطابع السياحي. ولكن ذلك يحتاج إلى فترة طويلة ويحتاج إلى تحقيق عدد من المشاريع السياحية الكبيرة. وقد أثرت الأزمة الإقتصادية العالمية سلبياً على القدرة على تحقيق عدد من هذه المشاريع. وأشار بلقر في هذا السياق إلى أن طبيعة هوية العقبة تتأثر دائماً وبشكل كبير بالسياسات الحكومية المعتمدة لها بدلاً من المبادرات المحلية.

تلخيص مضمون الجلسة الرابعة من ديوان المعمار 2011 – 2012

لقاء مع عمر الرزاز، مدير عام مؤسسة الضمان الإجتماعي السابق


كان عمر الرزاز رابع المتحدثين في موسم ديوان المعمار 2011 – 2012. وقد شغل منصب مدير عام مؤسسة الضمان الإجتماعي من 2006 حتى 2010، وقبل ذلك شغل منصب مدير مكتب لبنان في البنك الدولي. وجرى لقاء الرزاز مع الديوان يوم 18\4\2012. وأدارت الحوار معه ساندرا الحياري، عضوة الديوان ومنسقة مشاريع البنك الدولي والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في وزارة السياحة والآثار.


العقد الإجتماعي وتداعياته على البلديات

بدأ الرزاز بالإشارة إلى ورقة كتبها مؤخراً عنوانها "الطريق الصعب نحو عقد اجتماعي جديد :من دولة الريع الى دولة الانتاج." وذكر أن العلاقة بين الحاكم والمحكوم في بلدان العالم العربي مبنية منذ فترة على الإستبداد وعلى تحكم الحاكم بمصادر البلدان الطبيعية، التي تتكون في غالب الأحيان من النفط. وأوضح أن العقد الإجتماعي في الدولة الحديثة بعكس ذلك يعتمد على المجتمع المنتج، ويتعاقد فيه المجتمع مع مؤسسات الحكم بحيث تقدم مؤسسات الحكم الخدمات العامة بينما يدفع أفراد المجتمع ومؤسسات المجتمع الخاصة الضرائب التي تغطي تكلفة تقديم هذه الخدمات. وتعتمد هذه العلاقة على حقوق وواجبات متبادلة. أما النظام الريعي، فهو مختلف عن ذلك كل الاختلاف إذ أن الحاكم يخصص الدعم والهبات (التي يكون مصدرها في الكثير من الأحيان ريع بيع النفط) لأفراد المجتمع ومجموعاته المختلفة كما يشاء.

وتختلف طبعاً درجات الريع ونوعياته بين الدول العربية. وهذا الاختلاف يتضمن درجات النعومة أو الخشونة التي يعتمدها الحاكم في التعامل مع مكونات المجتمع المختلفة وكيفية توزيع الهبات عليها أو منعها عنها. كذلك، بينما تعتمد الأنظمة الريعية في الدول ذات الثروات النفطية على بيع النفط لتأمين مواردها المالية، تضطر أنظمة الحكم في البلدان التي تفتقر إلى الثروات النفطية إلى الإعتماد على المساعدات الخارجية. ويكون المال العام غير الخاضع للموازنة ورقابة ديوان المحاسبة في الدول الريعية بمثابة صندوق أسود يتم الإنفاق منه دون أي رقيب أو حسيب. وتكون العلاقة في هذه الحالة الريعية مبنية على إمتيازات وليس على حقوق، ويكون هناك تمايز واضح بين الرعايا يعتمد على نوعية علاقتهم مع الحاكم. وأضاف الرزاز أن هذا الوضع ليس مستداماً في بلد يفتقر إلى الثروات النفطية مثل الأردن إذ لا يمكن الاستمرار في الإعتماد على المساعدات الخارجية إلى ما لا نهاية. وهذا الوضع ليس مستداماً أيضاً في الدول النفطية إذ أن النفط سينضب فيها في يوم من الأيام. ويعتقد الرزاز أنه إذا أردنا التحوّل من دولة ريعية إلى دولة إنتاج فإن ذلك يتطلب إعادة هيكلة العلاقة بين الحاكم والمحكوم وإعادة هيكلة إقتصاد البلد وثقافته الإجتماعية والسياسية.

وأشار الرزاز إلى عنصرين أساسيين مرتبطين بتغيير العلاقة بين الحاكم والمحكوم في الدولة الريعية: العنصر الأول سياسي بحت، وهو التحول الديمقراطي. وفي هذا السياق ذكر الرزاز أن طه حسين أحسّ أن بناء الديمقراطية يبدأ من مستوى البلديات، حيث يلمس المواطن بشكل مباشر أثر ممارسته لحقه في التصويت وإنعكاسه على الخدمات المقدمة له. ويعتقد الرزاز أن قضية التحول الديمقراطي في العالم العربي هي قضية تطوير مؤسسات تقوم ببناء الأنظمة والقوانين والحوافز. والعنصر الثاني - والذي لا يمكن تحقيقه إلا بعد تحقيق العنصر الأول - هو سيطرة المجتمع على الثروات الوطنية والمال العام وإحساس جميع أفراد المجتمع أنها ملكهم وأنه من حقهم مراقبة كيفية التصرف بها.

الحكم المحلي ومستويات اتخاذ القرارات

لا يؤيد الرزاز فكرة الحكم المحلي المطلق أو الحكم المركزي المطلق في إدارة البلديات، ويعتقد أن هناك قرارات يجب أن تتخذ على المستوى المركزي وأخرى على المستوى المحلي. وأضاف أن المعايير التي يجب أن تُعتمَد لتحديد المستوى الذي يمكن أن يُتخذ فيه القرار تشمل معرفة التبعات الإيجابية والسلبية على الغير الناتجة عن تقديم خدمة ما على المستوى المركزي أو المحلي. فمن جهة، هنالك خدمات يمكن تقديمها بتكلفة أقل ودرجة أعلى من الكفاءة من خلال اتباع معايير موحدة وأنظمة مركزية، كما هو الحال في شبكات المياه والمجاري والكهرباء، التي قد يكون تقديم خدماتها على المستوى المركزي أكثر كفاءة من المستوى المحلي، إذ لا تستطيع كل بلدة تحمل تكاليف إنشاء هذه الشبكات، بينما يمكن للسلطات المركزية تحمل نفقات بناءها، وخاصة أنه يمكنها أن تخدم عدداً من البلدات. ومن جهة أخرى، هنالك قضايا مهمة نجد فيها بعض التباين والتنوع من منطقة إلى الأخرى ولذلك يجب إتخاذ القرارات المتعلقة بها على المستوى المحلي. ومن الأمثلة على ذلك التعليم والصحة والتنمية الإقتصادية.

وفي هذا السياق، أضاف الرزاز إلى انه يجب التفريق بين اللامركزية في اتخاذ القرارات من جهة وبين ما أسماه توزيع مركزية اتخاذ القرارات من جهة أخرى. وأشار إلى أن بعض مشاريع قوانين اللامركزية التي حاولت الحكومات الأردنية إقرارها خلال السنوات القليلة الماضية ما هي إلا مثال عن توزيع مركزية اتخاذ القرارات إذ أن القوانين ركزت على توسيع صلاحيات المحافظ في كل محافظة. وهنا أشار الرزاز إلى أن المحافظ هو مسؤول يتبع السلطة المركزية (وزارة الداخلية بالتحديد)، وأن دور المحافظ تقليدياً معني بالأمور الأمنية وليس بالأمور الإدارية والتنموية. ولذلك فإن إعطاء صلاحيات إضافية للمحافظين لن يؤدي إلى أي نوع من الحكم المحلي أو إلى اللامركزية، بل أن هدفه تقوية سيطرة الحكومة المركزية على المجتمعات المحلية.

تعزيز أدوار المدن الثانوية 

أشار الرزاز إلى أهمية موضوع المدن الرئيسية والثانوية على عدة مستويات، وركز على أنه لا يمكن لأي دولة في العالم، مهما حاولت، منع الهجرة من الريف إلى المدينة. وأوضح أن الهجرة تحدث بسبب الفرص الإقتصادية التي تقدمها المدن حيث تتكامل المهن والصناعات وتتجاذب وتتمركز بشكل ينتج عنه زيادة عالية في الإنتاجية. وقال أن الدول التي تنجح في بناء حياة حضرية في مدن متعددة بدلاً من سيطرة مدينة واحدة هي تلك التي تعمل على بناء تدرج في مركزية المدن بحيث تكون هنالك عدة مدن فرعية تتصف بالتنوع والغنى على المستويات الإقتصادية والثقافية. وقال أنه يمكننا التخفيف من سيطرة عمّان وهيمنتها على المدن الأردنية الأخرى من خلال العمل على تمكين مدينة ثانوية في الشمال مثل إربد وأخرى في الجنوب مثل العقبة على توفير الفرص الإقتصادية لأبناء المناطق المحيطة بهما بحيث يمكنهم السكن في بلداتهم وقراهم والإنتقال يومياً وبسهولة بين أماكن عملهم في هذه المدن وبين أماكن سكنهم. وهذا طبعاً يعتمد على توفر نظام كفؤ للنقل العام. ويعتقد الرزاز أن مثل هذا الترتيب يمكنه أن يحقق تدرج معقول في أدوار المدن والقرى المختلفة في الأردن. وأضاف إلى أنه يجب أيضاً إستغلال الفرص التي قد توفرها منطقة ما بسبب موقعها أو بسبب الموارد المتميزة التي تتمتع بها سواء كانت زراعية أو سياحية أو مرتبطة بتوفّر معادن معينة فيها. ومن الأمثلة على ذلك المواقع السياحية والطبيعية المتميزة الموجودة في الجنوب مثل البتراء ووادي رم وقلعة الشوبك ومحمية ضانا، والمناطق الزراعية الخصبة الموجودة في شمال الأردن.

إصلاح البلديات

يعتقد الرزاز أن كلاً من الإصلاح الإقتصادي والسياسي يعتمد على الآخر. وتمر الدول بتجارب وتصحح مسارها بناءً على هذه التجارب. وضرب مثلاً رئيس البلدية الذي تعينه وزارة الشؤون البلدية متسائلاً إلى أي درجة سيكون مثل هذا الشخص مُعرّض للمسائلة من الوزارة وإلى أي حد من المجتمع المحلي. وهنا تأتي أهمية التفاعل مع المعطيات المحلية وتجاوب المسؤول معها، وأيضاً أهمية التمثيل المحلي لتحقيق التنمية والإنتاجية. وقال أنه يجب أن تكون هنالك أيضاُ معايير وحوافز إقتصادية ومالية وضريبية ترتبط بأداء المسؤول.

وفي هذا السياق، أشار الرزاز ألى أن رؤساء البلديات في الأردن غالباً ما يُنتخبون على أسس عشائرية أو طائفية، ويتم اتخاذ القرارات دون أي ضوابط على المال العام. وأضاف أن البلديات الأردنية تعاني من عجز مالي نظراً لأن معظم دخلها ينفق على الرواتب، وهذا يشير إلى خلل مؤسسي عميق. ويعتقد أن حل هذه المشاكل يتضمن إعطاء صلاحيات إضافية للبلديات بحيث يمكنها زيادة مواردها وتوسيع نطاق الخدمات التي تقدمها، ولكن بذات الوقت يجب أيضاً التركيز على موضوع المسائلة المالية والإدارية لرؤساء البلديات وطواقمهم.

منظومة التوظيف في البلديات

أوضح الرزاز أن التشغيل على المستوى البلدي مرتبط بالتشغيل على المستوى الوطني، وأن الإثنين جزء من النظام الريعي السائد. وقال أنه يجب أن لا نلقي اللوم في تشخيص مشاكل التشغيل على رؤساء البلديات فقط إذ أنهم جزء من منظومة أكبر منهم. وأشار أيضاً إلى المفهوم السائد للتوظيف لدى الكثيرين الذي يعتمد على البحث عن فرص التعيين في القطاع العام. وقال أنه لا يمكن لإقتصاد مثل الإقتصاد الأردني أن يستدام من خلال تكديس الموظفين في القطاع العام، إذ أن ذلك يكوَن بطالة مقنعة ويعمل على تدهور أداء الدولة متمثلة بمؤسساتها العامة، وكذلك يؤدي إلى ابتعاد الكثيرين عن التخصص في المجالات التي يحتاجها الإقتصاد الأردني إذ أن التوظيف في القطاع العام في العديد من الأحيان غير مرتبط بتخصص طالب الوظيفة.

ولإحداث التغيير في أداء البلديات، يجب التمييز بين النفقات الجارية والرأسمالية ووضع حوافز للتركيز على النفقات الرأسمالية ومنع التعيين إلا في حالات محددة بناءً على إحتياجات حقيقية ومن خلال منظومة تعمل على ضبط العملية بأكملها.

مستويات التحصيلات الضريبية في البلديات

أشار الرزاز إلى أن مستوى تحصيل الضريبة مرتبط بآليات الإنفاق والتحصيل. وضرب مثل النفايات التي يمكن جمعها بكفاءة أعلى على المستوى المحلي. ولذلك من الأفضل أن تجمع البلديات النفايات وأن تضع الرسوم اللازمة لتغطية كلفة الجمع. أما بالنسبة لمكبات للنفايات، فالوضع مختلف إذ أن البلديات لا يمكنها توفير مكبات بالمواصفات المطلوبة نظراً لكلفتها. وهنا يستحسن أن تقدم خدمات توفير المكبات وإدارتها وأن تحصّل ضريبتها على مستوى المحافظة أو الدولة. وبنفس السياق، أضاف الرزاز أنه إذا تم إعطاء البلديات صلاحية تحصيل ضريبة ما مرتبطة بالوضع المحلي (مثل ضريبة المسقفات)، فإن قدرتها على تحصيلها ستكون على الأرجح أعلى من قدرة مؤسسة مركزية مثل وزارة المالية وذلك بسبب إمكانية حصول البلدية على المعلومات المحلية اللازمة لتحصيل هذه الضرائب بكفاءة وسهولة مقارنة مع المؤسسات المركزية.

علاج الفساد في إدارة المدن

أشار الرزاز أن الخطاب العام عن الفساد في الوقت الحالي لا يتطرق إلى الأسس والتشريعات والأنظمة التي يمكنها أن تحد من حدوث حالات الفساد مستقبلاً، ولكن يركّز على حالات فردية ومتفرقة. وذكر أنه علينا التعرف على الفجوات في الأنظمة الحالية التي قد تسهل حدوث حالات من الفساد أو تشجعهاوأة تشجعهاأأ. وفي هذا السياق، أضاف الرزاز أن المشاكل التي ارتبطت بعدد من عمليات التخاصية التي تمت في الأردن على الأغلب ليست ناتجة عن فساد بمفهومه المادي، بل هي أحياناً أمثلة لتضييع للحق العام تعود إلى غياب الشفافية وإلى غياب الخبرة والإختصاص.

الإستثمار العقاري بصفته شكلاً من أشكال الريع

قال الرزاز أن الأنظمة الريعية  تشمل أيضاً القطاع الخاص، إذ يعتمد التمايز بين مؤسسات القطاع الخاص بشكل كبير على قربها من مراكز الحكم. وأشار الرزاز بالتحديد إلى قطاع العقارات الذي يرتبط إرتباطاً قوياً بالأنظمة الريعية. وهذا الإرتباط يعود إلى تركيز إقتصاديات العالم العربي على قطاع العقارات إذ أنه يعتمد على الربح السريع من خلال تداول رأس المال أكثر من الإعتماد على تشغيله في نشاطات إنتاجية.

إدارة المدينة الفاضلة

أشار الرزاز إلى أن بداية الطريق إلى الوصول إلى أنظمة أفضل لإدارة المدينة تكمن في تغيير المنظومة التشريعية. وقال أنه على هذه المنظومة أن تأخذ شرعيتها من خلال النظام الديمقراطي بحيث يشارك المواطن في صنعها، وبذلك يمكن أن نرقى بأنظمتنا التشريعية لنصل إلى وضع يكون المواطن فيه رقيباً على نفسه. وهذه هي المدينة الفاضلة التي يكون القانون فيها مستنبطاً من الممارسة والمشاركة، وبالتالي يحاسب كل شخص نفسه بدلاً من أن يحاسبه غيره.

نتائج الإستبيان عن إدارة المدينة في الأردن

عينة الإستبيان وآلية طرحه

شارك في الإستبيان الذي وُزّع في شهري نيسان وأيار من هذا العام 300 شخص من مختلف مناطق المملكة. وقد تم طرح الإستبيان عن طريق البريد الإلكتروني ومواقع التواصل الإجتماعي بالإضافة إلى توزيع الإستبيانات الورقية. وقد بلغت نسبة القاطنين في عمان من بين المشاركين في الإستبيان 77% من حجم العينة في حين بلغت نسبة المشاركين من الزرقاء وإربد والكرك والسلط والمفرق وعجلون وجرش ومأدبا والعقبة 23%. وقد شكل الذكور نسبة 56% من المشاركين والإناث نسبة 44%. وكانت الفئة الشبابية ذات أعلى تمثيل في العينة حيث شكلت الفئة العمرية من 15 – 25 سنة ما يبلغ 40% من المشاركين تلتها الفئة العمرية من 26 – 35 سنة بنسبة مشاركة 35%، بينما شكل المشاركين من الفئات العمرية 36 سنة فما فوق الـ 25% المتبقية من المشاركين. ويبيّن الجدول التالي أيضاً التحصيل العلمي للمشاركين.

بلغت نسبة المشاركين في الإستبيان من المهندسين 31%، في حين شكّل الطلاب 9% والصحفيون والإعلاميون 6% ومختصو تكنولوجيا المعلومات والمبرمجون 4% والمحاسبون 3%، بالإضافة إلى 2% لكل من المحامين والمدرسين والعاطلين عن العمل. كما تضمنت العينة عدداً من الأطباء والمستشارين والمخططين والمتقاعدين.

مستوى الرضا عن الأداء البلدي

بينت النتائج أن مستوى الرضا عن الأداء البلدي متدني جداً إذ أجاب الغالبية (بنسبة 71.1 %) بعدم رضاهم عن أداء البلديات، وأجاب بالإضافة إلى ذلك ما يقارب واحد من كل أربعة أشخاص أنه غير راض من مستوى الأداء على الإطلاق. وحالة عدم الرضى هذه مرتبطة بتدني مستوى تواصل مؤسسة البلدية مع المواطنين إذ أجاب 95% من العينة بأن البلدية لم تأخد برأيهم أبداً بخصوص أمور تتعلق بمنطقة سكنهم. وقد لاحظنا أن النسبة القليلة المتبقية أُخِذَ برأيها بأمور خدمية مثل تعبيد الطرق والإنارة والمطبّات على الشوارع والقضاء على القوارض وجمع النفايات. وكان هناك ثلاثة أشخاص فقط ذكروا أن البلدية أخذت برأيهم بأمور إستراتيجية مثل موضوع فصل منطقتهم عن أمانة عمان الكبرى وإدارة المدينة وقضية متعلقة بالمباني المميزة معمارياً في منطقة تراثية.

الإنتخابات البلدية

أما بخصوص إنتخاب رؤساء البلديات وأعضاء مجالسها أم تعيينهم، فكما يبيّن الجدول التالي، أشار حوالي 65% إلى أنه يجب إنتخابهم بالكامل بينما أشار حوالي 35% إلى أنه يجب تعيين البعض وإنتخاب البعض الآخر. وقد رفضت الغالبية العظمى فكرة التعيين بالكامل. ويلاحظ أن هنالك عدم رغبة بالمشاركة في الإنتخابات إذ أن 43% من العينة أشاروا إلى أنهم لن يشاركوا فيها وأشار ثلثهم إلى أنهم لم يقرروا بعد إذا كانوا سيشاركون في الإنتخابات أم لا. ولم يعلن سوى ربع العينة نيتهم المشاركة بالإنتخابات.


مسؤوليات البلديات

أجاب 78.5% من العينة أنه يجب توسيع مسؤوليات البلديات ليكون لها دور في أمور مثل التعليم والرعاية الصحية وتشجيع الإستثمار. وفي إجابة السؤال عن ترتيب أولويات الإنفاق على القطاعات البلدية الرئيسية، احتل التخطيط أعلى أولوية، تلاه النقل ثم النفايات ثم الحدائق والفراغات العامة ثم العمل الإجتماعي ثم التحسينات المؤسسية ثم السياحة ثم إدارة الإستثمار

أهم خمسة قرارات لأمين العاصمة

سئل المشاركون في الإستبيان عن أهم خمسة قرارات سيتخذوها لو أصبحوا رؤساء بلدية (أو أمناء للعاصمة في حالة عمان)، وكانت الإجابات كما يلي:

عدد الذين إعتبروا أن أحد أهم أول خمس قرارات سيتخذوها ستعالج هذا الموضوع الموضوع الذي يتناوله القرار
153 تطوير البنية التحتية من شوارع وأرصفة وصرف صحي
116 تحسين مستوى النظافة ووضع نظام أفضل لإدارة النفايات الصلبة يضمن إعادة تدوير النفايات
98 رفع مستوى النقل العام وتطوير شبكة مواصلات فعّالة
90 زيادة عدد الحدائق والأماكن العامة المفتوحة
45 إشراك المجتمع المحلي في عملية صنع القرار في الأحياء

كذلك أشار 39 من المشاركين في الإستبيان أنهم سيتحذوا قرارات بخصوص إعادة هيكلة المؤسسات البلدية وإدخال تحسينات مؤسسية ومعالجة الترهل الإداري، وأشار 29 أنهم سيتخذوا قرارات مرتبطة بتطوير مشاريع تنموية وإستثمارات تدر دخلاً للبلدية، وأشار 21 منهم بأنهم سيتخذوا قرارات تتعلق بمكافحة الفساد.

الملاحظات الرئيسية

ترك الإستبيان مجالاً للملاحظات العامة، وهذه كانت أبرزها:
 

"هناك تجاوزات كثيرة تحصل في عمل البلديات، منها على سبيل المثال لا الحصر منح تراخيص البناء للأسواق التجارية الكبرى (المولات) دون النظر الى أن موقعها سيتسبب باختناقات مرورية كبيرة"
 

" يجب إيجاد حل لمشكلة انتخاب رؤساء بلديات "مشايخ" لا يعلمون من العمل البلدي سوى رد الجمايل إما بتعيين الرئيس أو بوضع مواصفات للترشيح"
 

" تطبيق نظام الموازنة التشاركية وفق قواعد محددة ومنهجية واضحة سيكون سبب للرضى التام لدى المواطنين تجاه بلدياتهم"
 

" تعزيز مفهوم الحكم المحلي الديمقراطي من خلال المجالس المحلية. إن العمل البلدي ليس عملاً هندسياً فقط فمن حق المدينة أن يكون لها مجلس بلدي منتخب يمثل هيئة ديمقراطية عامة ويمثل مصالح الناس"
 

"لا يمكن تحسين وضع البلديات ضمن قانون البلديات الحالي، إضافة الى أن هنالك خلل حقيقي في مفهوم الخدمات في الأردن وأنه يساء استخدام الصلاحيات و / أو القوانين"
 

"المدينة هي صورة "كبيرة" لسكانها ، وبقدر ما تحتاج إلى مؤسسة لكي تعتني بها، إلا أن حالتها تعبير عن الناس الذين يعيشون فيها"
 

"أهم ما سيؤثر إيجابياً على إدارة المدينة محلياً هو القضاء على المحسوبية والواسطات"
 

"يجب على الأشخاص المرشحين للإنتخابات البلدية أن يكونوا مؤهلين للعمل في إدارة المدن وليس مستثمرين في إدارتها"
 

" الإرادة السياسية الصادقة والدافعة باتجاه تنمية حقيقية وإصلاح حقيقي على جميع الأصعدة من سياسية وإقتصادية وإدارية لكافة المؤسسات العاملة في الشأن العام هي اللبنة الأساسية لتحقيق الاستقرار والرفاه المجتمعي. وإدارة المدن هي جزء من كل هذا، وإرادة التطبيق السليم تتطلب إرادة سياسية حرة وعادلة"
 

"من مهم جداً توزيع الميزانيات بشكل صحيح بعد دراستها والتخطيط لكل تفاصيل المشروع بأدق تفاصيلها قبل الشروع بها"
 

"يجب إلغاء جميع الأشجار من الأرصفة التي أعاقت حركة المشاة وجعلت ثقافة المشي ملغاة لدى المجتمع الأردني لأنه لا تتوفر أرصفة حديثة ممتعة"
 

"الأمن والأمان هما عنصران رئيسان في المدينة"
 

"يجب فتح باب الاستثمار في مجال النفايات والنقل"
 

"لا يمكن إدارة المدينة بدون أن تحبها أولاً"
 

"المحاسبة والشفافية هي مفاهيم ينبغي فهمها وتفعيل العمل بها"
 

"يجب إستخدام تقنيات متوفرة لتحسين التواصل بين المواطن والبلدية وتحسين مستوى عملها"

ملاحظات عامة

إن قراءة نتائج هذا الإستبيان تبيّن أن هناك حالة واضحة من عدم الرضى عن مستوى أداء المؤسسات البلدية في الأردن. ويشتكي الكثيرون من الذين شاركوا في الإستبيان بالذات عن مستوى الخدمات المرتبطة بالنظافة العامة وإدارة النفايات والنقل العام وحركة المشاة وحركة السير وتوفّر الحدائق والساحات العامة والإعتناء بها والوضع العام للبنية التحتية. ويعزي المشاركون هذا التقصير إلى ترهل في مستوى الأداء يعود إلى عوامل تتضمن تكديس المؤسسات البلدية بالموظفين مع أنه لا توجد أي حاجة للكثير منهم وإلى تعيين الكوادر على أسس الواسطة والمحسوبية بدلاً من الكفاءة وإلى إنتشار "الفساد". ومع أنه يمكن تعريف الفساد على أنه سوء إستغلال للمنصب العام لتحقيق منفعة شخصية، إلا أنه يجب التنويه أنه لا يوجد إتفاق واضح وواسع في الأردن يحدد ما يمكن إعتباره سوء إستغلال للمنصب العام وما يمكن إعتباره تحقيق منفعة شخصية. وما قد يعتبره البعض نوعاً من الفساد قد يعتبره آخرون نشاطاً مشروعاً، كما في عدد من ممارسات التوظيف على سبيل المثال.

كذلك يعتقد العديدون من الذين شاركوا في الإستبيان أن التردي في مستوى أداء البلديات يعود إلى إفتقار الشفافية والمسائلة اللازمتين في إدارة المؤسسات البلدية، وإلى عدم إنتخاب العديد من المسؤولين عن البلديات (كما في حال أمانة عمان)، وإلى عدم إعطاء المؤسسات البلدية درجة كافية من الإستقلالية، وإلى الحد من صلاحيات المؤسسات البلدية ومسؤولياتها وإخضاعها إلى مؤسسات مركزية.

ويبدو أن غالبية المشاركين في الإستبيان غير مقتنعين بإمكانية إحداث اي تغييرات إيجابية في ظل الأوضاع الحالية للبلديات وفي ظل القوانين والأنظمة التي تحكمها. ويتضح ذلك في أن ربع المشاركين في الإستبيان فقط أشاروا أنهم سيشاركوا في الإنتخابات البلدية القادمة بينما أجاب 43% أنهم لن يشاركوا وأجاب الثلث المتبقي بإنهم لم يقرروا بعد فيما إذا كانوا سيشاركوا في الإنتخابات البلدية القادمة أم لا.

ويجب الإشارة إلى أنه من المستغرب غياب أي إشارات محددة في إجابات الإستبيان إلى موضوع تنظيم إستخدام الأراضي من حيث تحديد الإستخدامات المسموح بها في المناطق المختلفة من المدينة من إستخدامات سكنية ومكتبية وتجارية ومؤسسية وصناعية وترفيهية ... وتحديد درجة فصل هذه الإستخدامات عن بعضها البعض ودرجة دمجها مع بعضها البعض في مناطق المدينة المختلفة. إن لموضوع إستخدامات الأراضي تأثير كبير على مستوى الحياة في المدينة ويساهم إلى درجة عالية في تحديد أمور تتراوح من حالة التنقل في المدينة وسهولتها إلى أسعار الأراضي والعقارات فيها. ويجب أن تعتمد آليات تحديد الإستخدامات وتعديلها على أسس تتصف بالوضوح والشفافية، إذ أن غياب ذلك سيؤثر سلبياً على السمعة المهنية للمؤسسة البلدية وعلى الأوضاع الحياتية فيها بما في ذلك الإجتماعية والإقتصادية منها.

ملحق (1): أسئلة الإستبيان عن إدارة المدينة في الأردن

أعلى